الخميس، 12 فبراير 2009

دبلة و كتاب و فنجان قهوة

يدخل إلى المقهى...هو ليس مقهى بالصورة المعروفة للمقاهي...هو كافتيريا أو كافيه إن صح النعبير....يدخل....ممسكا بكتابه الأبدي الذي لا يمسك غيره....بخطوات الواثق مما يفعله أو خطوات من فعل ذلك مرارا يتجه إلى الطاولة الشاغرة في الركن...إلى جوارها زجاج النافذة المغلقة إلى الأبد...يجلس...يضع الكتاب أمامه....يسند رأسه على راحة يده....ينظر إلى الشارع الهادئ من النافذة المغلقة....و يشرد ذهنه...و يذهب في عالم من الماضي...
*****
يتذكرها....يتذكر سنى الحب الأولى....يتذكر اللقاء الأول...صدفة خطط لها القدر و جمعتهما معا...يتذكر إعجابه الأولي بها....يتذكر خفقان قلبه لها....ثم تطور الإعجاب...صار هياما...صار شرودا ليليا...ثم صار حبا جارفا....يتذكر أول مره اعترف لها بحبه....كانت في نفس الكافيه الذي يجلس فيه الآن....يتذكر تورد وجهها الصبوح بحمرة الخجل....يتذكر تلعثمها في القول و تعثرها في الرد....يتذكر أيام الارتباط الأولى....يتذكر خططهما و أملهما في مستقبل مبهر و غد مشرق...يتذكر أحلامها التي كان عمادها لؤلؤ محشو بالمرمر و مكسو بالحرير....يتذكر كيف كان يختطف قبلة سريعة من وجنتها الرقيقة....يمسك بيدها البضه الندية...يهمس في أذنها "بحبك يا نرمين"....تبتسم في خفر قبل أن تقول في رقة " أنا أكتر"
*****
يخرجه من خواطره صوت النادل و هو يقول "قهوة كالعادة يا فندم؟!"....يهز رأسه في عدم اكتراث أن نعم....و من ثم ينصرف النادل....لم يتعجب من كلمة كالعادة....فلقد مضى شهرين كاملين و هو يأتي هنا كل يوم في نفس الموعد و لم يغير أبدا مطلبه...كل مرة يطلب قدحا من القهوة....حتى صار سؤاله نوعا من الروتين ليس إلا....يعود إلى شروده....يبحر في بحر خواطره....يتذكر يوم خطبتهما....يتذكر اعتراض أبيها و أمها على خطبتها من شاب في مقتبل العمر لا يملك حتى تكلفة حياته ولا قوت يومه....لكنها تمسكت به و وقفت في وجه الجميع و هي تردد "مش هتجوز غير يوسف...حتى و لو متجوزتش خالص"....و لم يملك الأهل سوى الانصياع لرغبتها....يتذكر الدبلة الذهبية التي أحاط بها بنصرها الأيمن...كانت هي الشاغلة الذهبية الوحيدة التي ابتاعها لها... و كانت راضية...قانعة بالحب و مكتفية بالعشق....كانت أحيانا تغضب من تراخيه في البحث عن مسكن و أثاث و مال....كانت تتشاجر معه.... و يتذكر –لعجبه- كيف كان يحب شجارها معه...كانت حينما تغضب تتورد وجنتيها و يخرج صوتها مخنوقا بالبكاء كالأطفال قبل أن تتنهد في عمق و تطلق زفرة حارة ... كان يقابل ثورتها في هدوء....كان يشعر أنها طفلته....ينتظر حتى تهدأ تماما ثم يطلق دعابة فتضحك فيطمئن إلى أن الطريق الملكي إلى قلبها ممهد و معبد....من ثم يلثم وجنتها الرقيقة معتذرا قبل أن يمسك كفها الأملس و يهمس على أذنها "بحبك يا نرمين"...ترد في تدلل" و أنا كمان"
*****
يرتشف جرعة من القهوة المركزة التي أحضرها النادل و ينظر إلى الكتاب الذي لم يقرأه قط لكنه يحتفظ به على سبيل الذكرى..فقد كان أول هدية يتلقاها منها....يتنهد من الأعماق قبل أن يعود لسبر أغوار الذكريات....يتذكر التبدل المفاجئ الذي طرأ على علاقتهما....لم تعد رومانسية حالمة كعهده الدائم بها...بل صارت دوما تذكره بالماديات...زاد الشجار و زاد ضغط الأهل....كثيرا ما كان ينجح في قمع غضبها المتأجج و كان يعرف كيف يهدئ من ثورة أهلها... و كعادته كان يتحمل ثورتها في صبر قبل أن يمارس طريقته المعهودة في تهدئتها قبل أن يهمس في أذنها "بحبك يا نرمين"...لكنها لم ترد...
*****
يتذكر آخر لقاء بينهما كأنه كان بالأمس....نرمين تقابله في ميدان عام على عكس كل لقاءاتهما الهادئة....تتكلم و تتكلم....تعبر عن سخطها على تراخيه و ضيقها من بلادته....يتحمل ثورتها و يقمع غضبه الشخصي المغلف بشعور بالعجز و المبطن بأنهار من الضعف....تتكلم و تتكلم قبل أن تخلع الدبلة عن بنصرها الأيمن و تناوله إياها و هي تقول " دبلتك اهه....احنا مش لبعض يا يوسف"...ثم ترحل في صمت...يراقبها و هي تعبر الطريق...تعبره في جمال زهرة تفتحت لتوها....تعبره في رشاقة غزال خرجت من الأدغال....تعبره في خفة لبؤة تنقض على فريستها....راقبها إلى أن عبرت الطريق...لم تلتفت إلى الخلف قط...ينظر إليها و إلى الدبلة غير مصدق قبل أن يغمغم في حزن " بس أنا بحبك يا نرمين"....لكنها لم تسمع...
*****
يرشف رشفة أخيرة من قهوته و ينظر بلا اكتراث إلى كتابه....ثم يخرج الدبلة التي احتفظ بها منذ هذا اليوم..احتفظ بها لينظر إليها كل يوم و يتذكرها رغم أنه أصلا لم ينسها....لقد مضى ما يقرب من الشهرين على آخر لقاء و هو بعد يعيش في ألم....ينظر من النافذة....ثم يخفق قلبه في عنف....أنها هي...نعم هي....تمشي مع أحدهم....تتأبط ذراعه و تضحك في مرح....أنه يقترب من أذنها و يهمس...يمسك بكفها الناعم...يداعب شعرها البني المنسدل...أبهذه السرعة نسته؟!...أكان كل هذا الحب وهما؟!....هل عاش حلما و أفاق على كابوس؟....خفق قلبه في عنف....زفر زفرة حارة...من عينيه نزلت عبرة حارقة....ثم نهض....تحرك صوب الباب كالمرنح و غادر المكان....غادره و هو يعلم أنه لن يعود إليه ثانية....و على الطاولة ترك وراءه كتاب و قدح قهوة و بعض المال و... و دبلة دهب..

الثلاثاء، 3 فبراير 2009

موعد السبع سنوات

لا أحب العمل الليلي قط.... إنه أشبه بساعات من التعذيب المتواصل الذي لا يرحم.... عذاب اسمه الملل.... عذاب شيمته الصمت.... كنت أعلن للجميع جهرا أني ذاهب إلى العمل.... و أعلن لنفسي سرا أني ذاهب إلى الملل....العمل الليلي....كم أمقته....
*****
كنت أعمل في صيدلية د\نجدت رزق الله .... لم يكن رجلا لطيف المعشر...لكنه ليس بالشخص السيئ.... لكن أسوأ ما في الأمر كان وجود الصيدلية في قرية ريفية مصرية أصيلة تدعى "ميت أبو علي".... كئيبة كانت تلك القرية....صامتة هادئة حزينة متوجسة خائفة....لا سيبل فيها للمرح سوى ذلك المقهى المتواضع القريب من الصيدلية و الذي يغلق أبوابه مع تمام العاشرة مساءا.... عتيقة كانت تلك القرية....قديمة بالية مظلمة متخلفة نائمة....لكني و للأسف كنت بها و أعمل....
*****
لم أعمل هناك سوى منذ شهر تقريبا.... كنت باختصار وافد جديد على تلك البلدة و لم أتعرف عليها و لا على تاريخها بعد...و العمل الليلي أساسا لا يتيح لك رفاهية المعرفة و لا يمنحك متعة العلم....كنت أشغل نوبتجية الليل في تلك الصيدلية التي لاتنام و تقدم خدمتها على مدار أربع و عشرين ساعة لأشخاص وهميين....أنا صيدلي؟!!....لا لست صيدليا.... أنا أحمل شهادة متوسطة و لكني لم أجيد شيئا سوى العمل في الصيدليات منذ تخرجي....إن الأمر يعتمد فقط على الخبرة و يتجاوز حدود الشهادة الجامعية العقيمة....لكني مع خبرتي الغير قصيرة كنت أمقت العمل الليلي....حيث الزبون الواحد كل ساعتين و حيث لا تجد من تتحدث إليه....نعم يأتيك زبون يبتاع شيئا ما ثم يثرثر معك في كل ما لا تفهمه أنت و لا يفهمه هو....ثم يتنهد و يزفر و يحييك و ينصرف.... و تنصرف معه كل معالم الدفء البشري حتى و لو كان أحمق....
*****
كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل بقليل....حينما دخل علي ثلاثتهم....اثنان صحيحان و يستند إليهما ثالث مصاب بشدة.... لم أتكلم و لم يتكلما....الصورة أبلغ من أي تعبير....و غلب الفعل القول....صامتا قمت بعملي و ضمدت جراح هذا المصاب على القدر الذي تسمح به خبرتي.... لم يكن يقوى على الكلام....جروح في رأسه و أماكن متفرقة في جسده....اي حادث فعل به هذا....التفت إلى الاثنين الآخرين و سألتهم.... فأجاب أحدهم في ذعر و قد اتسعت حدقتا عينيه " لقد كنا في بيت البدراوي حينما ....."... لكن نظرة صارمة من الشخص الآخر منعته من الاسترسال....و اضح أنه قائد المجموعة....لم أستكمل الحديث و لم أتقاضى أجرا و رحلوا من حيث أتوا....رحلوا لكنهم تركوا لي تذكارا بسيطا....تركوا لي الحيرة و القلق....
*****
بيت البدراوي....شرعت أفكر في هذا البيت....منذ أتيت إلى هذه القرية و أنا أسمع أقوالا مبعثرة عن هذا البيت...لم لم يسكنه أحد رغم أنه يعتبر تحفه معمارية و مهجور منذ أكثر من خمسين عام؟!!....لقد تناثرت الأقاويل حول أشباح تجوبه ليلا و شبح منتقم يبحث عن ضحايا و كلام من تلك الترهات...لا لم يكن الأهالي يرددون الآيات أو يرسمون الصليب حينما يمرون بجواره...لقد كان منزل مسالم جدا لكن الأساطير تنتشر و تتناقلها الأجيال...المصريون عموما يحبون حكايات العفاريت و يتمتعون بخيال خصب...و حينما تسأل أحدهم هل رأى عفريت يوما يجيبك بتحد"لم أر... ولكني سمعت".... و إذا سألت كل المصريين نفس السؤال ستجد نفس الرد حتى إنك تتساءل عن هذا المعجز الذي رأى العفريت و أسمع به كل البشر....لكن هل بالفعل بيت البدراوي هذا مسكون.... وهل بالفعل كان هؤلاء الثلاثة بداخله حينما حدث لهم شيئا ما أصاب أحدهم أم ماذا حدث لهم بالضبط؟!!...أفكار كثيرة دارت برأسي قبل أن تطير مع ما يطير...
*****
عم "خليفة" الخفير العجوز يجوب القرية ليلا....هو ليس خفيرا يثير الرعب في القلوب قدر ما يثير الشفقة....كانت القرية تعتمد على النظام الناصري في الحراسة....ذلك النظام الذي يعتمد على ساعات معلقة تُملأ كلما مرت ساعة...حيث توجد ساعة في كل شارع يجب أن تُملأ ...فبفكرة حسابية بسيطة جدا توجد حوالي ست ساعات في كل منطقة موزعة على ست شوارع أو حارات....و على الخفير ملء تلك الساعات كل ساعة و إلا عوقب....فهكذا تضمن أن الخفير يمر على الشارع مرة كل ساعة حيث يجب أن يملأ ساعة كل عشرة دقائق....فبذلك يقضي الخفير ليلته و هو يجوب الشوارع و يحمي الناس و لا يقضي الليل في النوم أو تدخين الحشيش....نظام رائع بالفعل....لم تكن القرية تعتمده بالمعنى الحرفي...لكن عم"خليفة" كان يستخدمه ليحمس نفسه على العمل و تكون له ذريعة في أن يجوب الطرقات ليلا.... فبرغم كبر سنه و شيخوخته التي لا ريب فيها إلا إنه كان عاشقا للعمل كارها للراحة....لكن السن له أحكام...فأدخل بنفسه بعض التطورات على الساعات بحيث يملآها كل ثلاث ساعات ليس كل ساعة....عبقري نشيط هذا العجوز... وله دور مهم في نشأة هذه القرية....
*****
كانت الساعة قد جاوزت الواحدة و النصف حينما رأيت عم"خليفة" العجوز يأتي من بعيد...بمشيته البطيئة المتأنية....حياني بابتسامة لطيفة ثم واصل طريقه قبل أن يتوقف و يعود إلي ثانية ...نظر مليا في وجهي ثم قال " أنت غريب...أليس كذلك"...رددت بتثاقل "بلى...وجديد كذلك...لم أمضي هنا سوى شهر واحد"....نظر إلي العجوز مليا قبل أن يقول "إذن لا تعرف ماذا ينتظرك"...ثم أردف " أعد لنا كوبا من الشاي....لا أحب أن يحدث مكروها لمن هم مثلك"....أعددت الشاي الدافئ على عجل و ذهني مشتت بما قاله العجوز.....و مع أول رشفات الشاي الساخن شعرت بالحياة تتدفق في عروقي من جديد لاستعد لسماع كلمات العجوز المظلمة في هذا الشتاء القارس....أخذ العجوز نفسا عميقا ثم قال" أنت سمعت أكيد عن بيت البدراوي"...لم ينتظر الإجابة مني و أردف" البدراوي بك لم يكن شخصا سيئا على الإطلاق....مهيبا كان...قويا كان...لكن قاسيا لم يكن....كان من أرباب الملك و من كبار أعيان البلد.... يمتلك ما لا يمكن حصره...أملاكه في كل مكان لكنه كان يعشق ذلك المنزل هنا و يقيم فيه معظم الوقت.... زوجته رائعة الجمال لكنها كانت ذات أصول تركية فكانت تتعالى كل شئ و لم يحبها أحد قط...ابنه كذلك كان نسخة من أمه...بل أسوأ....أما ابنته فكانت قطعة من الجنة...جميلة و رقيقة و عطوفة و حنون...كل ما هو جميل كان بها....كنت أنا الحارس المقرب للبك...و زاد اقترابي بعد أن أنقذته من موت محقق على يد أحد الفلاحين الذي اغتصب البك أرضهم بطريقة الإقطاع.... كانت حياة مستقرة حين اشتعلت الثورة و تحولت المملكة إلى جمهورية و صادرت الثورة كل أملاك الإقطاعيين...لم يتحمل البدراوي بك...جن جنونه و استل مسدسه ذات الست طلقات و من خارج الدار سمعنا سمعنا دوي الرصاص و بعد دخولنا رأينا ستة جثث... زوجته و ابنه و ابنته الملاك و ثلاث من الخدم....ووقف البك يضحك كالمجنون....قبض الفلاحون عليه ثم أعدم البك....و من يومها و بدأت الأسطورة...شبح البك يظهر و يحيل حياة من يقابله جحيما... كثيرون سكنوا البيت لكنهم تركوه سريعا... وتناثرت قصصا حول شبح منتقم و شبح ضحايا....ثم هدأت الأحداث و صار ظهور الشبح مقنن....صار يظهر كل سبع سنوات"....صمت العجوز أخيرا و كنت أنا لازلت أحاول هضم كل ما قاله قبل أن أقول " و لماذا سبع سنوات"... ابتسم العجوز قبل أن يقول " و لماذا السماء زرقاء و لماذا الشجر أخضر... إنها قوانين وضعت و لا دخل لنا بها"....ثم أردف" بالمناسبة...اليوم هو الموعد.... فقررت أن أحذرك...ألم تلحظ أن البلدة خالية منذ التاسعة...كلهم قبعوا في ديارهم في انتظار أن ينتهي هذا اليوم المشئوم....على العموم هو لا يظهر قط قبل الثالثة صباحا و الساعة الآن الثانية و الربع...أمامك فرصة للهرب و أمامي فرصة للذهاب إلى داري"....قال العجوز كلماته الأخيرة و حياني و أنصرف.... كان رد فعلي غريب جدا...لم أتوقعه أنا نفسي...لقد ضحكت كثيرا جدا...ها هي أكذوبة أخرى يصدقها الناس....و يتناقلوها من جيل إلى الآخر....تبا للجهل و الجهلاء و مرحى بالعلم و هنيئا لمن حصلوا عليه....
*****
"عمرك شفت عفريت قبل كده؟"....."لأ..بس سمعت أن في ناس شافوه"
*****
كانت الساعة تشير إلى الرابعة....كنت قد احتفلت برجاحة عقلي و ثبات أعصابي مع كل هذه الحكاية و الجو المحرك للخيال...كانت الساعة الرابعة حينما سمعت الخطوات قادمة....خطوات ثابته...مهيبة...خطوات متأنية....ثم رأيته يدخل المكان....مهيبا عظيما كما وصفه العجوز....عيناه حمراوان بلون الدم...يرتدي عباءة لم أر في مثل جمالها...إنه يقترب في تؤدة...ملامحه جامدة و لا أرى اختلاجا واحدا في وجهه...يقترب و يقترب و يقترب...أكثر فأكثر فأكثر....لم أر ما حدث بعدها...سقطت مغشيا علي...إن عصبي الحائر((vagus nerve
)) يعمل بكفاءة غير عادية...
*****
حينما استيقظت رأيت "د/نجدت" ينظر إلي في قلق...قلت كلاما مبهما عن بيت و بدراوي و موعد...ضحك "د/نجدت" مليا قبل أن يقول "هل صدقت....لقد كانت مزحة...تبا لأهل القرية هؤلاء...لقد عرفوا إنك حديث العهد بقريتهم فقرروا أن يمزحوا معك....و قد شربت المقلب....تعيش وتاخد غيرها"...
*****
حينما رويت تلك القصة على صديقي لم يضحك كما توقعت...بل نظر إلى في جدية و قال" هناك ثلاث نقاط في قصتك جعلوني أشك في كونها حقيقة و ليست مزاحا...أولا من أين لفلاح فقير أن يأتي بمثل تلك الملابس الفاخرة التي رأيتها و التي هي حتما تخص البك...ربما سرقها...ثانيا...قلت أن القرية تعتمد النظام الناصري في الحراسة و البك يحقد على الثورة و على عبد الناصر باعتبارهم السبب في إفلاسه و من ثم الكارثة و المأساة و المذبحة التي ألمت به....فمن الممكن أن البك ينتقم منهم لتخليدهم ذكري الناصرية...ثالثا...هل يعقل أن يجرح صديقين صديقهم الثالث بشدة قاربت على موته لمجرد مزحة يلعباها على شخص غريب...لا يا صديقي....أعتقد أن الأمر لم يكن مزحة كما تعتقد"... كانت الابتسامة قد ماتت على شفتي...و حل محلها نظرة رعب في عيني و شحوب خوف على وجهي...لا يجب أن تكون مزحة....يا الهي...يجب أن تكون مزحة....
*****