الجمعة، 25 فبراير 2011

الآخر 1

في مثل هذه الظروف قد لا تنفع الكلمة صاحبها و لا تشفع له في ظل محاكمات شعبية دائمة و مشانق معلقة و مقصلة مسننة لكل من يختلف مع الآخر...و في ظل رفض تام للآخر و وصف كل شخص بالتغيب و الخيانه كان لزاما على الكثير التزام الصمت...رفض الآخر في مصر قد يكون أكثر رحمة منه في ليبيا...في ظل مجتمعات المؤيد فيها مأجور و المعارض فيها عميل و مدسوس...و كملحوظة بسيطة من قلب المجتمعين..ليس كل مؤيد مأجور و كلب من كلاب النظام فهناك من الشعب من يحب النظام بالفعل رغم مساؤه و دون مصالح شخصيه... و ليس كل معارض مدسوس و عميل فهناك من بلغت روحه الحلقوم و فاض به الكيل و قرر الثورة على انظمة القمع و الفشل هذه...في ليبيا التي يتندر بثورتها الناس و يبكون على حالهم دما...اقول من شهود مصريين منهم أخي في طرابلس و اصدقاء في بني غازي و اجدابيا ...اقول أن الكل بالفعل معه سلاح...مؤيد و معارض و هي حرب أهلية بكل معنى الكلمة و ليست ثورة سلمية في مجتمع قبلي لا يثور على فقر و قمع قدر ما يتطلع لحكم كنوز البترول تلك...و هذا ليس تقليلا من شأنهم و دفاعا عن القذافي المجنون قدر ما هو تقليلا من مبالغتنا في الحماس المفرط و التشدق بنسيم الحريات التي تهب على شرقنا الأوسط...

*****

اختلاف الرأي في مصر يختلف أننا لا فقط لا نحمل سلاحا...و لو كنا نحمله لحدثت كوارث في مجتمع أساسا لا يتقبل الآخر و قد يفرض الشخص رأيه بالقوة في سبيل عدم التراجع أو الاعتذار...و لي في هذا مثال بسيط...صديقين مقربين لي بالفعل...أحدهما مؤيد للثورة تأييدا تاما و مؤمنا بها إيمانا مطلقا و سنطلق عليه 1 و الآخر مؤيد للثورة أيضا و لكنه يميل إلى تهدئة الأوضاع الحالية و يرى أن استمرار التظاهرات هو نوع من الفوضى –هو ليس حزب وطني بالمناسبة لننفي عنه التهمة الأبدية المستهلكة- وسنطلق عليه 2...الاثنان يتناقشان...الرأي يتعارض...الصديق 2 يرفع صوته و يصرخ محاولا دعم موقفه...اما 1 فهو هادئ يتحدث بحكمة و عقلانية و فلسفة...قد تتوقف و تطلق حكمك و تقول أن الصديق 2 على خطأ طالما أنه اتخذ من الصراخ طريقة لإيضاح موقفه...اصبر قليلا...الصديق 1 يلقي بقنبلته وسط المناقشة المحتدمة...يقول أنه حينما يجد أحدا على غرار الصديق 2 فإنه لا يستمع و هذا حقه..لكنه قال إنه على الفيس بوك قام بمسح كل من يفكر بنفس الطريقة المائلة إلى التهدئة ولا يسمع رأيهم...قال إنه لن يقتنع بكلامهم فما الجدوى من سماعه...إذن هو موقف مسبق من الرفض...أنا كحكم فإني اختار الصديق 2 ليفوز لإنه على الأقل ناقش و سمع مع تحفظي على طريقته...إما الصديق 1 فقد أعلن إنه يرفض الآخر ببساطة لأنه لن يقنعه وبالتالي وصلنا لنقطة اللاتلاقي...و حالة رفض الآخر ستسمر طالما ليس هناك حوار دون تخوين أو اتهام...سمعت تصريحا للمخرج الثورجي- الذي احترمه بالفعل- محمد دياب ينتقد المحتجين في التحرير بأنهم لا يسمعون شيئا ولا يتقبلون...لدرجة أنه انتقد رد فعلهم على خطاب مبارك الأخير و ذكر أنهم بدأوا في الصراخ في منتصفه...نعم خطاب مبارك كان لغوا صريحا لكن يجب السماع حتى النهاية ثم إطلاق الأحكام...و من ثم لا يلام أحدا على أية ردة فعل...

*****

صديق فيس بوك لا أعرفه فقط هو شخص ما موجود ك " فريند " في حسابي كان يدعو و يهلل و يقول إن مظاهرة الثلاثاء المليونية لإسقاط شفيق هي فرض عين على كل مصري...علقت رافضا ...قلت أنه فرض عليه كرؤية و رأي صريح له لا يصح فرضه على الجميع فمنهم المؤيد و المعارض...كان رده ببساطة أنه يخبرني أنه مسحني من قائمته لأنه لا يشرفه أن يعرف من هم من بقايا الحزب الوطني و من فلول نظام مبارك...و هو اتهام جاهز لكل من هم مثلي و نحن قاعدة كبيرة و موجودون في كل مكان و نجهز لهزيمتكم أيها الثوار فاستعدوا...لم استطع منع نفسي من الرد عليه في رسالة و رددت عليه بإني شاركت في المعارضة و الاحتجاج منذ جمعة الغضب في محافظتي و طالبت بسقوط مبارك الذي أنا من فلوله....و بالفعل قد يكون هناك ثورة مضادة...لكن أول عواملها هو مثل هذا الشخص بتعنته و غباؤه المطلق و رؤيته القاصرة في تقييم الأمور...

*****

عرفت كثيرين من تلعب بعقولهم الأهواء و تشكل أفكارهم و آرائهم الأخبار الأعلامية المتعمدة...منهم من آمن بقدرات شفيق ثم هاجمه لا لشئ سوى أن الكل هاجمه...التليفزيون بيهاجمه هو انا هعرف احسن من التليفزيون...أنا أحب هيكل...اعشقه و اتبنى آراءه كثيرا...لكن هناك فلتر في عقولنا نميز له الجيد من القبيح و الصواب من الخطأ...رأيت هيكل مع محمود سعد و شعرت بأن هذا الحوار لغو...تشكيك في قيمة الضربة الجوية لا لشئ سوى للهجوم على الرئيس المخلوع...نعم لا تكفي أبدا الضربة الجوية في الشفاعة لمدة رئاسية استمرت ثلاثين عاما عشنا أكثر من نصفهم في فقر و قمع وفساد...لكن الضربة الجوية عمل عظيم بالفعل و تشويهها من تشويه الحرب المجيدة نفسها...الأمر أشبه بهدم المعبد لقتل رجل واحد يختبأ بداخله....العجيب أن الكثير بعد هذا الحوار اقتنعوا تماما بأن الضربة الجوية عملية لا قيمة لها من أي نوع و هي فقط عملية استعراضية تليفزيونية للتاريخ و الأحصاء...و حينما تعترض يقولون...هيكل هو اللي بيقول يا باشا و محدش يشكك في كلام هيكل...و كإنه قرآن أنزل من فوق سبع سماوات...

لغوا آخر قرأته للدكتور المخزنجي في مقال طويل ملئ بالزجاج و كبريتيد النيكل...لا يقول فيه سوى أن شفيق سئ لكن بطريقة تبدو في ظاهرها طريقة علمية عبقرية تسر القارءين...

*****

دعنا نتفق على أن الإعلام بكل صوره يلعب دورا غاية في السوء في تلك الثورة...الإعلام المصري غاب تماما عن المشهد في البداية و عاد كسيحا مترنحا فاقدا لمصداقيته و قبوله عند الشعب اللهم إلا أقل القليل...أما الجزيرة التي يسبح الجميع باسمها...فهي بالفعل أبرع تغطية ممكنة و بذل فريق عملها مجودا يحسدون عليه...لكن الا يتفق معي أحدا أنها تلعب دورا قذرا في التصعيد....يقول لك السذج و اللعاب يسيل من افواههم حماسة :انت مغيب يا بني و حمار و كلب من كلاب النظام...او يقول لك العقلاء و الحكمة تلمع في عيونهم : لمصلحة من يا سيدي...انتهى عصر نظرية المؤامرة منذ قرون و أنت مثقف لا يمكن أن تتبناها...لكن الحقيقة إنها تلعب دورا لمصلحة جهة ما قد تكشف الأيام عنها...ذكر الرائع د جلال امين في كتابه رحيق العمر أنه أثناء حرب الخليج لعبت قناة الCNN دورا قذرا في خدمة مصالح أمريكا و بذل فريقها جهدا خرافيا في دعم أفكار و مصالح الحكومة الامريكية...حينما عرض د أمين أفكاره هاجمته القناة نفسها و طالبته بكتابة مقال يجافي تلك الفكرة و هو الأمر الذي عزز لديه الفكرة التي رفضها الآخرون و اتهموه بقصور الفكر فهي تقدم تغطية ممتازة للأحداث دون تدخل ما من وجهة نظرهم...نفس الأمر أراه في الجزيرة التي قد تكون تعرض الحقيقة لكنها تتبين وجهات نظر ثابته لا تحيد عنها و تدعمها بإشراك كل المعارضين في الحوارات...او مراسل او شاهد عيان صارخ دائما و يتحدث عن وقوع مجازر و إطلاق نار و قتلى أمام عينيه في تلك اللحظة و العجيب ان هذا الشخص لا يموت أبدا و لا يصاب في تلك المذابح...تحدثت الجزيرة و شبكة رصد عن مجازر في فشلوم في طرابلس منذ يومين و جثث تملء الشوارع و نفى أحدهم فاتهموه المعلقين في شبكة رصد بالكذب و علق أحدهم ساخرا بأن الحزب الوطني وصل إلى ليبيا...سألت اخي العائد توه من طرابلس فقال أنه كان في فشلوم وسمع نفس الكلام و نفاه جملة و تفصيلا...و استعجبت من أن اخي هو الآخر يدافع عن نظام القذافي و أحسست أننا جندنا أنفسنا فقط للدفاع عن الأنظمة الفاسدة...نعم هناك مجازر ارتكبت في بني غازي و البيضا و اجدابيا و في الزاوية و في انحاء عدة من طرابلس نحن لا ننفي لكننا فقط ننفي طريقة الهلع و ذكر أمور لم تحدث فقط لإزكاء النار و زيادة حماس القوم...حدثت مذبحة في الزاوية بالفعل...لكن لم تحدث في فشلوم و لم يحدث قصف في تاجوراء ولا سوق الجمعه فلم الكذب و لمصلحة من...نفى أحد سكان تجاوراء قصف مدينته و نفى انقطاع النت و قال أن شركات المحمول ترسل رصيدا مجانيا للعملاء...ذكر ذلك في شبكة رصد فعلق أحدهم بأن الموقع "هاكد" و علق اخر ثانية بأن الحزب الوطني وصل ليبيا...هنا بلغ السيل الزبى لدي...كان أخي قبلها يكلمني من طرابلس عبر النت و اخبرني نفس كلام المواطن الليبي بطريقة عارضة...وجدتني انفعل على تلك التعليقات الغبية المكذبة لكل شئ و المتعنتة و التي لا تسمع لشئ أبدا...هو ينفي الكارثة إذن هو عميل للنظام...هو ضد التظاهرات خوفا من الفوضى إذن هو عميل للنظام...علقت تعليقا عصبيا كان نتيجته منعي من التعليق ثانية على شبكة رصد و إن سمحوا لي بالمتابعة فقط... و الله كتر خيرهم ده المفروض دلوقتي اكون ف القسم...

و للحديث بقية لأني طولت اوي كده