تستيقظ من نومك الغير مريح من الأساس....كل عظمة في جسمك تئن....تقف أمام مرآة الحمام...تعتصر عبوة معجون الأسنان بكلتا يديك و لكن لا جدوى...قد فرغت إلى حد العدم...تلقي بها في حنق و تزفر في ضيق و تقرر أن تشتري واحدا جديدا في طريق عودتك ...قبل أن تغسل وجهك ببعض الماء البارد كالثلج في هذا الشتاء القارص لكنك لا تهتم...الناجحون وحدهم من يستحقون الماء الدافئ و معجون الأسنان...اما انت فلم تنجح في شئ....تنظر إلى وجهك في المرآة...تشعر أنه قد ذبل و اختفت ملامحه...بريق عينيك قد خبا...ذقن طويلة لم تحلقها منذ أسبوعين....لكنك أيضا لم تهتم....تخرج إلى غرفتك...ترتدي ملابسك في إهمال...ملابس غير أنيقة و لا متناسقة لكنك لا تهتم....الحقيقة أنك لم تعد تهتم بأي شئ...الحقيقة التي لا تعلمها أنك صرت شبحا...
*****
تنزل إلى الشارع....تشير إلى سيارة أجرة فلم تقف لك...سيارة تلو الأخرى و لم يقف لك أحد...تسخط...تسب...تلعن...ثم تستسلم للأمر الواقع و تذهب إلى وجهتك سيرا على الأقدام...تذهب إلى ذلك المعهد الطبي التابع للجامعة...ذلك المعهد الذي قد يؤهلك للحصول على درجة علمية أفضل من شهادة البكالريوس اللعينة التي لم تجد بها عملا محترما...تجلس في المحاضرة...تنصت بكل حواسك علك تفلح في شئ هذه المرة...يسأل المحاضر سؤالا عسيرا...الكل من حولك يفغر فاه في غباء واضح...لكنك تعلم الإجابة العبقرية...تهمس بها فلا يسمعك المحاضر...ترفع صوتك فلا يسمع...استحال الصوت صياحا فلا يسمع و لا ينظر إليك حتى...يلتقط الجالس بجوارك الإجابة و يقولها...يبتسم المحاضر و يقدم له جائزة ثمينة و يعده بالدرجة العلمية الرفيعة قريبا تقديرا لعلمه...تسخط...تسب...تلعن...تصيح...تصرخ لكن أحدا لا يسمعك...ألم تقتنع بعد يا صديقي...أنت قد صرت شبحا....
*****
تعود إلى دارك...تفتح لفافة الشطائر التي جلبتها للغداء...لن يكون هناك طعاما دسما اليوم فاليوم زفاف صديقة عمرك و ربيبتك الأثيرة و ستأكل مساءا في الحفل....تأكل شطيرتين و تكوم الباقي...تقرر أن تقرأ شيئا ثم تعدل عن ذلك...قرأت كثيرا جدا....الحق أن القراءة قد محت شخصيتك وخربت تفكيرك ...صارت شخصيتك انعكاس لمن تقرأ لهم...انت اليوم نجيب محفوظ...بالأمس أنت هنريك ابسن...غدا أنت برانسيلاف نوسيتش...و في المستقبل انت يوسف إدريس و السباعي و جورج اورويل و بهاء طاهر...كل يوم انت آخر...تنام...تستيقظ في السادسة...لا استذكار اليوم فاليوم خمر و نساء...تقولها لنفسك و تضحك...تعلم أن الأمر لن يتجاوز طعاما و مشروبا غازيا...إذن ف اليوم بيبس و عشاء...تضحك أكثر...تتوجه إلى الحمام و تحلق لحيتك الطويلة...تغسل رأسك بالماء البارد الأبدي...تبحث عن معجون الأسنان فتكتشف أنك نسيت أن تبتاع واحدا جديدا...تغرق شعرك بالكريم...لم تكن يوما من أنصار ال"جيل"...ترتدي بذلتك السوداء الأنيقة ذات القميص الوردي...تحكم ربط رابطة عنقك الوردية بطبعها...تنظر لنفسك في المرآة....انت وسيم...نعم انت بدين لكنك وسيم...انت ذابل لكنك وسيم...خبا بريق عينيك لكنك وسيم...تبتسم لنفسك و تمد يدك لتعلق ذلك الدبوس الذهبي اللامع على البدلة فتسعر بوخزة خفيفة في إصبعك...لم تنزف دما...فقط احمرار خفيف و انتهى الأمر...نسيت الأمر برمته و لم تهتم كعادتك...لكنك لو اهتممت لعلمت شيئا بسيطا...انت يا عزيزي قد صرت ش ب ح ا ....
*****
أنت الآن في الشارع تنتظر سيارة أجرة أخرى لا تأبه لك...سيارة تلو الأخرى لكنك لم تسخط...تقف جوار سيدة تنتظر بدورها...تتوقف لها سيارة فتدلف إليها مع السيدة....تخبر السائق وجهتك دون أن تنظر إليه...تصل إلى قاعة الحفل...تضع الأجرة على المقعد المجاور للسائق و تمضي مسرعا إلى الحفل...تدخل القاعة...انت وسيم لكنك تعلم إنك لست جذابا فلم تتوقع أن تخر الفتيات صرعى لرؤياك أو حتى تلاحقك إحداهن ببصرها أينما حللت...تشق طريقك وسط الجموع متوجها إلى حيث توجد العروس صديقتك...تمد يدك و تسلم عليها بحرارة...تنظر إليك بلا اكتراث و ترد تحيتك في فتور...إهانة بالغة تلك التي شعرت بها...إنها بمثابة أختك أو أعز و كنت تتوقع معاملة أفضل...أين الحفاوة و التقدير...تمضي إل ركن مظلم بالقاعة و تمارس دورك كزهرة حائط إنجليزية أصيلة...تتابع يمينا و يسارا...لا أحد ينظر إليك...لا أحد يهتم بك...تسخط...تخرج خارج القاعة فتأنس بعض أصدقائك القدامى...تتوجه إليهم و تقف معهم...لم تكن أبدا متحدثا جيدا لكنك للحق كنت دائما ذكيا...تقف معهم محاولا اجتذاب ودهم....تضحك ضحكات مفتعلة على دعاباتهم ثقيلة الظل آملا في نيل محبتهم...تلقي بدعابة ذكية جدا لكن أحدا لم يضحك...أحدا لم يهتم وواصلوا الحديث و كأنك غير موجود...تتركهم ساخطا واجما...تغادر الحفل و تمشي في الشارع تفكر قليلا في حالك و تصل إلى نتيجة معقولة جدا...هنيئا لك أنت الآن تعلم أنك قد صرت شبحا....
*****
انت تقر بحقيقة كونك شبحا...تقريبا لا أحد يراك أو يسمعك...إذن أنت شبح...يراودك خاطر غريب..تنظر وراءك باحثا عن الإكتوبلازم...تلك المادة الخضراء اللزجة التي يعتقد علماء الما ورائيات إن الأشباح تخلفها حال و موضع ظهورها...تبحث ورائك فلم تجد شيئا...لكنك على يقين إنك شبح..شبح فاشل لا يخلف الإكتوبلازم...تبتسم في فخر..إنك على الأقل ستتمتع بقدرات الأشباح في اختراق كل السدود و الحواجز و السفر عبر الأزمنة...تنظر إلى تلك البناية أمامك...تجري بكل قوتك في اتجاه حائطها الخرصاني...تردد لنفسك سأخترقها...ساخترقها...سأخترقها...و تقفز بكل قوتك...آي...لم تخترق شيئا... و الدماء تنزف بغزارة من جبهتك...تسمع صوت ذلك الشيخ الفاني يقول لك " ايه يا بني اللي عملته في نفسك ده...انت اتجننت...لا حول ولا قوة إلا بالله"...اجتمع المارة حولك...يساعدونك و يضمدون جراحك...تبتعد عنهم و انت تمسك بجبهتك النازفة وتضحك في هستيريا و أنت تردد لست شبحا...لست شبحا....تعبر الشارع مسرعا في جنون فلم تنتبه لتلك الحافلة و آخر ما سمعته كان صرير الفرامل الحاد....أييييييييييييييييييييء...
*****
تنظر من أعلى ترى جسدك المسجى وسط بركة من الدماء...و الناس يحاولون إسعافك بكل جهدهم و لكنك تعلم يقينا أن الأمر انتهى...أنت الآن بالفعل قد صرت شبحا...تشعر أنك الآن فقط صرت ذا قيمة...تنظر خلفك و تأكدت أنك الآن فقط صرت ذا قيمة...الآن فقط صرت تخلف الإكتوبلازم....
*****
تنزل إلى الشارع....تشير إلى سيارة أجرة فلم تقف لك...سيارة تلو الأخرى و لم يقف لك أحد...تسخط...تسب...تلعن...ثم تستسلم للأمر الواقع و تذهب إلى وجهتك سيرا على الأقدام...تذهب إلى ذلك المعهد الطبي التابع للجامعة...ذلك المعهد الذي قد يؤهلك للحصول على درجة علمية أفضل من شهادة البكالريوس اللعينة التي لم تجد بها عملا محترما...تجلس في المحاضرة...تنصت بكل حواسك علك تفلح في شئ هذه المرة...يسأل المحاضر سؤالا عسيرا...الكل من حولك يفغر فاه في غباء واضح...لكنك تعلم الإجابة العبقرية...تهمس بها فلا يسمعك المحاضر...ترفع صوتك فلا يسمع...استحال الصوت صياحا فلا يسمع و لا ينظر إليك حتى...يلتقط الجالس بجوارك الإجابة و يقولها...يبتسم المحاضر و يقدم له جائزة ثمينة و يعده بالدرجة العلمية الرفيعة قريبا تقديرا لعلمه...تسخط...تسب...تلعن...تصيح...تصرخ لكن أحدا لا يسمعك...ألم تقتنع بعد يا صديقي...أنت قد صرت شبحا....
*****
تعود إلى دارك...تفتح لفافة الشطائر التي جلبتها للغداء...لن يكون هناك طعاما دسما اليوم فاليوم زفاف صديقة عمرك و ربيبتك الأثيرة و ستأكل مساءا في الحفل....تأكل شطيرتين و تكوم الباقي...تقرر أن تقرأ شيئا ثم تعدل عن ذلك...قرأت كثيرا جدا....الحق أن القراءة قد محت شخصيتك وخربت تفكيرك ...صارت شخصيتك انعكاس لمن تقرأ لهم...انت اليوم نجيب محفوظ...بالأمس أنت هنريك ابسن...غدا أنت برانسيلاف نوسيتش...و في المستقبل انت يوسف إدريس و السباعي و جورج اورويل و بهاء طاهر...كل يوم انت آخر...تنام...تستيقظ في السادسة...لا استذكار اليوم فاليوم خمر و نساء...تقولها لنفسك و تضحك...تعلم أن الأمر لن يتجاوز طعاما و مشروبا غازيا...إذن ف اليوم بيبس و عشاء...تضحك أكثر...تتوجه إلى الحمام و تحلق لحيتك الطويلة...تغسل رأسك بالماء البارد الأبدي...تبحث عن معجون الأسنان فتكتشف أنك نسيت أن تبتاع واحدا جديدا...تغرق شعرك بالكريم...لم تكن يوما من أنصار ال"جيل"...ترتدي بذلتك السوداء الأنيقة ذات القميص الوردي...تحكم ربط رابطة عنقك الوردية بطبعها...تنظر لنفسك في المرآة....انت وسيم...نعم انت بدين لكنك وسيم...انت ذابل لكنك وسيم...خبا بريق عينيك لكنك وسيم...تبتسم لنفسك و تمد يدك لتعلق ذلك الدبوس الذهبي اللامع على البدلة فتسعر بوخزة خفيفة في إصبعك...لم تنزف دما...فقط احمرار خفيف و انتهى الأمر...نسيت الأمر برمته و لم تهتم كعادتك...لكنك لو اهتممت لعلمت شيئا بسيطا...انت يا عزيزي قد صرت ش ب ح ا ....
*****
أنت الآن في الشارع تنتظر سيارة أجرة أخرى لا تأبه لك...سيارة تلو الأخرى لكنك لم تسخط...تقف جوار سيدة تنتظر بدورها...تتوقف لها سيارة فتدلف إليها مع السيدة....تخبر السائق وجهتك دون أن تنظر إليه...تصل إلى قاعة الحفل...تضع الأجرة على المقعد المجاور للسائق و تمضي مسرعا إلى الحفل...تدخل القاعة...انت وسيم لكنك تعلم إنك لست جذابا فلم تتوقع أن تخر الفتيات صرعى لرؤياك أو حتى تلاحقك إحداهن ببصرها أينما حللت...تشق طريقك وسط الجموع متوجها إلى حيث توجد العروس صديقتك...تمد يدك و تسلم عليها بحرارة...تنظر إليك بلا اكتراث و ترد تحيتك في فتور...إهانة بالغة تلك التي شعرت بها...إنها بمثابة أختك أو أعز و كنت تتوقع معاملة أفضل...أين الحفاوة و التقدير...تمضي إل ركن مظلم بالقاعة و تمارس دورك كزهرة حائط إنجليزية أصيلة...تتابع يمينا و يسارا...لا أحد ينظر إليك...لا أحد يهتم بك...تسخط...تخرج خارج القاعة فتأنس بعض أصدقائك القدامى...تتوجه إليهم و تقف معهم...لم تكن أبدا متحدثا جيدا لكنك للحق كنت دائما ذكيا...تقف معهم محاولا اجتذاب ودهم....تضحك ضحكات مفتعلة على دعاباتهم ثقيلة الظل آملا في نيل محبتهم...تلقي بدعابة ذكية جدا لكن أحدا لم يضحك...أحدا لم يهتم وواصلوا الحديث و كأنك غير موجود...تتركهم ساخطا واجما...تغادر الحفل و تمشي في الشارع تفكر قليلا في حالك و تصل إلى نتيجة معقولة جدا...هنيئا لك أنت الآن تعلم أنك قد صرت شبحا....
*****
انت تقر بحقيقة كونك شبحا...تقريبا لا أحد يراك أو يسمعك...إذن أنت شبح...يراودك خاطر غريب..تنظر وراءك باحثا عن الإكتوبلازم...تلك المادة الخضراء اللزجة التي يعتقد علماء الما ورائيات إن الأشباح تخلفها حال و موضع ظهورها...تبحث ورائك فلم تجد شيئا...لكنك على يقين إنك شبح..شبح فاشل لا يخلف الإكتوبلازم...تبتسم في فخر..إنك على الأقل ستتمتع بقدرات الأشباح في اختراق كل السدود و الحواجز و السفر عبر الأزمنة...تنظر إلى تلك البناية أمامك...تجري بكل قوتك في اتجاه حائطها الخرصاني...تردد لنفسك سأخترقها...ساخترقها...سأخترقها...و تقفز بكل قوتك...آي...لم تخترق شيئا... و الدماء تنزف بغزارة من جبهتك...تسمع صوت ذلك الشيخ الفاني يقول لك " ايه يا بني اللي عملته في نفسك ده...انت اتجننت...لا حول ولا قوة إلا بالله"...اجتمع المارة حولك...يساعدونك و يضمدون جراحك...تبتعد عنهم و انت تمسك بجبهتك النازفة وتضحك في هستيريا و أنت تردد لست شبحا...لست شبحا....تعبر الشارع مسرعا في جنون فلم تنتبه لتلك الحافلة و آخر ما سمعته كان صرير الفرامل الحاد....أييييييييييييييييييييء...
*****
تنظر من أعلى ترى جسدك المسجى وسط بركة من الدماء...و الناس يحاولون إسعافك بكل جهدهم و لكنك تعلم يقينا أن الأمر انتهى...أنت الآن بالفعل قد صرت شبحا...تشعر أنك الآن فقط صرت ذا قيمة...تنظر خلفك و تأكدت أنك الآن فقط صرت ذا قيمة...الآن فقط صرت تخلف الإكتوبلازم....