لك يا محمود جردت قلمي.... لك يا محمود شحذت عواطفي.... لك يا محمود استرجعت ذكرياتي.... لك يا محمود بسطت أوراقي.... لك يا محمود اذرفت دمعاتي.... لك يا محمود اكتب هذه الرسالة...
*****
ابعث برسالة إلى محمود اقول له فيها:- اتذكر يا محمود طفولتنا؟!....أتذكر قريتنا؟!!...تلك القرية التي عشنا بها أسعد لحظات حياتنا و أجمل نسمات عمرنا....طفولة مشرقة كانت....أتذكر عم صلاح العجوز....نضايقه و نضايقه ثم ينهض فيسبنا فنجري خوفا و هلعا ثم نعود فيبتسم إلينا و يقدم لنا الحلوى و يحكي لنا قصته مع جنية الترعة و شبح المأمور الشرس...ثم يصيبنا الهلع فنتسول إليه ليتوقف و لا يتوقف فنجري عائدين إلى ديارنا نرتجف و نندس تحت أغطية الفراش نترقب خروج الجنية من مكمنها و ظهور الشبح في موعده....ننتظر و نترقب...طال الانتظار و لم يظهر الشبح و لم تخرج الجنية....
*****
ابعث برسالة إلى محمود أقول له فيها:- أتذكر يا محمود ميعة الصبا؟!....كنت أنت أخفنا جسدا و كنت أمهر من كل الصبية في لعب الكرة....كنت سريع الحركة خفيف الجسد....كم تسلقت شجرة التوت الوارفة المطلة على دار العمدة لتجلب لنا -انا و انت - بعضا من ثمارها الندية....لم تكن كثير الضحك و لم تتعود أن تشكر أحدا....لكن هل تذكر واقعة الدراجة؟!!....حين سرقت انت دراجة الشيخ سلامة شيخ الكتاب....عرفت أنا انك انت السارق لكن احدا لم يشاهدك غيري و غير الأسطى فاروق ....حتى هو لم يشاهدك جيدا و لم يستطيع البت إن كان انت السارق ام لا.... اتذكر مجلس القرية العرفي من اجل محاكمتك استنادا على شهادة فاروق المنقوصة.... كنت اعلم انك انت السارق لكني نهضت و اعلنت انك يومها قضيت الليل بأكمله عندي و من المستحيل ان تكون انت الفاعل....فأعلنوا حكما فوريا ببراءتك....لحظتها لم اهتم بشهادة الزور....لحظتها لم اهتم بجحيم الآخرة....لم اهتم سوى بتلك النظرة التي أطلت من عينيك....نظرة الامتنان...
*****
ابعث برسالة إلى محمود أقول له فيها:- أتذكر يا محمود مراهقتنا التعسة ؟!....اعترف انك ابتعدت عني كثيرا إبانها....كثرت أسفارك الغامضة إلى المنصورة....دائما هي المنصورة....تغيب أسابيعا ثم تعود لتحكي لي و لمراهقي القرية مغامراتك مع نساء المنصورة و فتياتها....و كأنك خرجت لتوك من عوالم يوسف أدريس الساحرة....كنت تحكي و تسترسل في الحكي....الكل يصدقك و تتسع أعينهم انبهارا بما تقص....إلا أنا....لم أصدقك يوما....أتذكر حين سافرت معك مرة إلى المنصورة....يومها التقينا بمن ادعيت أنه صديقك و يدعى أحمد إبراهيم....سرنا ثلاثتنا سويا....حينما رأينا فتاة جميلة متناسقة الجسد تجلس على الكورنيش النيلي الخلاب....نسمة هواء لم تكن بالرقيقة ازاحت ثوبها فكشف عن ساقيها و ما زاد....ثم لفظة غزل نابية خرجت منك....اتبعها غضب من أحمد إبراهيم و هو ينهال عليك باللكمات قائلا " دي اختي يا ابن الكلب"....لم استطع ان اخلصك منه....لكني تلقيت عنك الضربات....
*****
ابعث برسالة إلى محمود أقول له فيها:- أتذكر يا محمود سنى شبابنا؟!....سنى الحب و العاطفة....سنى الطموح و إثبات الذات....كنت أحب نجلاء ابنة الحاج ناصر المسراطي إمام مسجد القرية ذو الأصول الليبية....كانت آية في الجمال و الرقة....أنشودة تغنى بها عندليب الليل الشجي....عطر يفوح من زهرة عذراء تتفتح....كنت أحبها....نجلاء الذكية المثقفة و والدها رجل مستنير أتاح لها فرصة الدراسة الجامعية على عكس كل بنات قريتنا المتخلفات....كنت أحبها....لكني توقفت عن هذا الحب و عزفت عنه....لماذا؟....لأنك أخبرتني إنك تحبها....هكذا تنحيت عن المنافسة....صحيح أنني جامعي مثلها و أنت لم تحصل سوى على مؤهل متوسط و بصعوبة....لكنني تنحيت....لم أتحمل فكرة خسارتك من أجل حب لم تتضح معالمه.... و لكن أتذكر يوم خطبتها؟!....شاب مثقف ثري جامعي و ابن عائلة كان خطيبها....أتذكر يوم التقيتهما؟!...حينما تقدمت منها و صارحتها بحبك أمام خطيبها و جن جنونك و أنت تخبرها بأنك رجل مثله بل أفضل منه و أنك الأحق بها....استشاط الخطيب غضبا لكنه لم يتكلم....لكن نجلاء الذكية ابتسمت في هدوء و أشارت إليك و أشارت إليه و قالت " و هل يستوي الثرى و الثريا !!"
*****
ابعث برسالة إلى محمود أقول له فيها:- أتذكر يا محمود ذلك اليوم؟ّ"...يوم جئتني ليلا لتودعني....متعجلا كنت و أنت تخبرني بأنك اخترت الهجرة إلى إيطاليا من أجل تحقيق الذات....دامعا أوصيتني بأهلك خيرا حتى تحين عودتك المظفرة....حاولت إثناءك فلم استطع...كنت انت عازما و كنت بالفعل مصرا....تركتني و اتجهت إلى حيث نويت....و كان كل تفكيري وقتها...هل ستصل بالفعل إلى إيطاليا....أم يضل القارب الغير شرعي الطريق و يرسي بك في مالطة....
*****
ابعث برسالة إلى محمود أقول له فيها:- أتذكر يا محمود تلك القصاصة الورقية؟؟....تلك التي اقتطعتها أنا من إحدى الصحف بتاريخ لا أذكره و لا أريد....خبر صغير حجما كبير مقاما أنبأنا بغرق قارب للهجرة الغير شرعية إلى إيطاليا....و أمهروا الخبر بتوقيع أسماء الوفيات الكادحة....و كعادتك فشلت حتى في تصدر قائمة الوفيات....و جاء ترتيبك السادس عشر بين حوالي الثلاثين....حينما رأيت اسمك بينهم لم أفكر سوى في شئ واحد....هل دفنت حقا....أم صرت وجبة شهية للأسماك؟!....
*****
ابعث برسالة إلى محمود لا أقول له فيها شيئا....لأنه لن يقرأها.....
*****
*****
ابعث برسالة إلى محمود اقول له فيها:- اتذكر يا محمود طفولتنا؟!....أتذكر قريتنا؟!!...تلك القرية التي عشنا بها أسعد لحظات حياتنا و أجمل نسمات عمرنا....طفولة مشرقة كانت....أتذكر عم صلاح العجوز....نضايقه و نضايقه ثم ينهض فيسبنا فنجري خوفا و هلعا ثم نعود فيبتسم إلينا و يقدم لنا الحلوى و يحكي لنا قصته مع جنية الترعة و شبح المأمور الشرس...ثم يصيبنا الهلع فنتسول إليه ليتوقف و لا يتوقف فنجري عائدين إلى ديارنا نرتجف و نندس تحت أغطية الفراش نترقب خروج الجنية من مكمنها و ظهور الشبح في موعده....ننتظر و نترقب...طال الانتظار و لم يظهر الشبح و لم تخرج الجنية....
*****
ابعث برسالة إلى محمود أقول له فيها:- أتذكر يا محمود ميعة الصبا؟!....كنت أنت أخفنا جسدا و كنت أمهر من كل الصبية في لعب الكرة....كنت سريع الحركة خفيف الجسد....كم تسلقت شجرة التوت الوارفة المطلة على دار العمدة لتجلب لنا -انا و انت - بعضا من ثمارها الندية....لم تكن كثير الضحك و لم تتعود أن تشكر أحدا....لكن هل تذكر واقعة الدراجة؟!!....حين سرقت انت دراجة الشيخ سلامة شيخ الكتاب....عرفت أنا انك انت السارق لكن احدا لم يشاهدك غيري و غير الأسطى فاروق ....حتى هو لم يشاهدك جيدا و لم يستطيع البت إن كان انت السارق ام لا.... اتذكر مجلس القرية العرفي من اجل محاكمتك استنادا على شهادة فاروق المنقوصة.... كنت اعلم انك انت السارق لكني نهضت و اعلنت انك يومها قضيت الليل بأكمله عندي و من المستحيل ان تكون انت الفاعل....فأعلنوا حكما فوريا ببراءتك....لحظتها لم اهتم بشهادة الزور....لحظتها لم اهتم بجحيم الآخرة....لم اهتم سوى بتلك النظرة التي أطلت من عينيك....نظرة الامتنان...
*****
ابعث برسالة إلى محمود أقول له فيها:- أتذكر يا محمود مراهقتنا التعسة ؟!....اعترف انك ابتعدت عني كثيرا إبانها....كثرت أسفارك الغامضة إلى المنصورة....دائما هي المنصورة....تغيب أسابيعا ثم تعود لتحكي لي و لمراهقي القرية مغامراتك مع نساء المنصورة و فتياتها....و كأنك خرجت لتوك من عوالم يوسف أدريس الساحرة....كنت تحكي و تسترسل في الحكي....الكل يصدقك و تتسع أعينهم انبهارا بما تقص....إلا أنا....لم أصدقك يوما....أتذكر حين سافرت معك مرة إلى المنصورة....يومها التقينا بمن ادعيت أنه صديقك و يدعى أحمد إبراهيم....سرنا ثلاثتنا سويا....حينما رأينا فتاة جميلة متناسقة الجسد تجلس على الكورنيش النيلي الخلاب....نسمة هواء لم تكن بالرقيقة ازاحت ثوبها فكشف عن ساقيها و ما زاد....ثم لفظة غزل نابية خرجت منك....اتبعها غضب من أحمد إبراهيم و هو ينهال عليك باللكمات قائلا " دي اختي يا ابن الكلب"....لم استطع ان اخلصك منه....لكني تلقيت عنك الضربات....
*****
ابعث برسالة إلى محمود أقول له فيها:- أتذكر يا محمود سنى شبابنا؟!....سنى الحب و العاطفة....سنى الطموح و إثبات الذات....كنت أحب نجلاء ابنة الحاج ناصر المسراطي إمام مسجد القرية ذو الأصول الليبية....كانت آية في الجمال و الرقة....أنشودة تغنى بها عندليب الليل الشجي....عطر يفوح من زهرة عذراء تتفتح....كنت أحبها....نجلاء الذكية المثقفة و والدها رجل مستنير أتاح لها فرصة الدراسة الجامعية على عكس كل بنات قريتنا المتخلفات....كنت أحبها....لكني توقفت عن هذا الحب و عزفت عنه....لماذا؟....لأنك أخبرتني إنك تحبها....هكذا تنحيت عن المنافسة....صحيح أنني جامعي مثلها و أنت لم تحصل سوى على مؤهل متوسط و بصعوبة....لكنني تنحيت....لم أتحمل فكرة خسارتك من أجل حب لم تتضح معالمه.... و لكن أتذكر يوم خطبتها؟!....شاب مثقف ثري جامعي و ابن عائلة كان خطيبها....أتذكر يوم التقيتهما؟!...حينما تقدمت منها و صارحتها بحبك أمام خطيبها و جن جنونك و أنت تخبرها بأنك رجل مثله بل أفضل منه و أنك الأحق بها....استشاط الخطيب غضبا لكنه لم يتكلم....لكن نجلاء الذكية ابتسمت في هدوء و أشارت إليك و أشارت إليه و قالت " و هل يستوي الثرى و الثريا !!"
*****
ابعث برسالة إلى محمود أقول له فيها:- أتذكر يا محمود ذلك اليوم؟ّ"...يوم جئتني ليلا لتودعني....متعجلا كنت و أنت تخبرني بأنك اخترت الهجرة إلى إيطاليا من أجل تحقيق الذات....دامعا أوصيتني بأهلك خيرا حتى تحين عودتك المظفرة....حاولت إثناءك فلم استطع...كنت انت عازما و كنت بالفعل مصرا....تركتني و اتجهت إلى حيث نويت....و كان كل تفكيري وقتها...هل ستصل بالفعل إلى إيطاليا....أم يضل القارب الغير شرعي الطريق و يرسي بك في مالطة....
*****
ابعث برسالة إلى محمود أقول له فيها:- أتذكر يا محمود تلك القصاصة الورقية؟؟....تلك التي اقتطعتها أنا من إحدى الصحف بتاريخ لا أذكره و لا أريد....خبر صغير حجما كبير مقاما أنبأنا بغرق قارب للهجرة الغير شرعية إلى إيطاليا....و أمهروا الخبر بتوقيع أسماء الوفيات الكادحة....و كعادتك فشلت حتى في تصدر قائمة الوفيات....و جاء ترتيبك السادس عشر بين حوالي الثلاثين....حينما رأيت اسمك بينهم لم أفكر سوى في شئ واحد....هل دفنت حقا....أم صرت وجبة شهية للأسماك؟!....
*****
ابعث برسالة إلى محمود لا أقول له فيها شيئا....لأنه لن يقرأها.....
*****
هناك 7 تعليقات:
حمدالله علي السلامه يادكتور
القسصه جميله ليه بتقول عليها كده
هو في احلا من ان الواحد يكتب لأصدقاء الطفوله والصبا الكلام لطيف
ان شاء الله تخلص كل اللي وراك وترجع تاني
القصه جميله واحلى حاجه لما تكتب رساله زى دى لحد عزيز عليك بس اسوء حاجه انها فعلا مش هتوصله
تحياتى دوما وربنا معاك يا دوكتر
سلامو عليكو
القصه جميله جدا جدا د.رامي
بس حاجه مؤلمه اوي انك تكتب رساله لانسان رحل
سلمت يداك
وربنا يوفقك في امتحاناتك
إلى استاذه شمس
ازاي حضرتك يا رب تكوني بخير
الله يسلمك
لا القصه انا مش حاببها و نازله كده لحفظ التواجد عشان بقالي فتره مختفي
دعواتك معانا ببركه الحجه المقبوله ان شاء الله
سلام
إلى رودي هانم
متشكر جدا على رايك في القصه...شكلي هغير رايي في القصه..هي مش عاجباني اصلها..
ما هو مات بقى فمش هتوصله
بس شرفيني دايما يا رودي
و ربنا يخليكي ع الدعاء
سلام
إلى just a girl
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
متشكر على رايك في القصه و متابعتك ليا لتاني مره
و متشكر كمان ع الدعوه
بس انا عاتب عليكي
ليه مسمية نفسك مجرد فتاه... من طلب العلا يعلى... اكتبي برنسيس..ملكه..اي حاجه مش مجرد فتاه... انا متأكد انك بالنسبه للي بيحبوكي مش مجرد بنت..
شرفيني دايما
سلام
فيك بوادر أديب وشاعر طالع لخالك محمود
مع خالص تحياتي خالك محمود
إرسال تعليق